يخبر تعالى عن قيل المشركين : ( لولا ) أي : هلا ( أنزل عليه آية من ربه ) كما قالوا : ( فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ) [ الأنبياء : 5 ] وقد تقدم الكلام على هذا غير مرة ، وإن الله قادر على إجابة ما سألوا . وفي الحديث : أن الله أوحى إلى رسوله لما سألوه أن يحول لهم الصفا ذهبا ، وأن يجري لهم ينبوعا ، وأن يزيح الجبال من حول مكة فيصير مكانها مروج وبساتين : إن شئت يا محمد أعطيتهم ذلك ، فإن كفروا فإني أعذبهم عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ، وإن شئت فتحت عليهم باب التوبة والرحمة ، فقال : " بل تفتح لهم باب التوبة والرحمة " ; ولهذا قال لرسوله : ( قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب ) أي : هو المضل والهادي ، سواء بعث الرسول بآية على وفق ما اقترحوا ، أو لم يجبهم إلى سؤالهم; فإن الهداية والإضلال ليس منوطا بذلك ولا عدمه ، كما قال : ( وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون ) [ يونس : 101 ] وقال ( إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم ) [ يونس : 96 ، 97 ] وقال ( ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون ) [ الأنعام : 111 ] ; ولهذا قال : ( قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب ) أي : ويهدي من أناب إلى الله ، ورجع إليه ، واستعان به ، وتضرع لديه .
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ويقول لك يا محمد، مشركو قومك: هلا أنـزل عليك آية من ربك, إمّا ملك يكون معك نذيرًا, أو يُلْقَى إليك كنـز؟ فقل: إن الله يضل منكم من يشاء أيها القوم، فيخذله عن تصديقي والإيمان بما جئته به من عند ربي(ويَهدي إليه من أناب), فرجع إلى التوبة من كفره والإيمان به, فيوفقه لاتباعي وتصديقي على ما جئته به من عند ربه، وليس ضلالُ من يضلّ منكم بأن لم ينـزل علي آية من ربّي ولا هداية من يهتدي منكم بأنَّها أنـزلت عليّ, وإنما ذلك بيَدِ الله, يوفّق من يشاء منكم للإيمان ويخذل من يشاء منكم فلا يؤمن .
* * *
وقد بينت معنى " الإنابة "، في غير موضع من كتابنا هذا بشواهده، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . (32)
* * *
20357- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: (ويهدي إليه من أناب) : أي من تاب وأقبل .
---------------------
الهوامش :
(32) انظر تفسير" الإنابة" فيما سلف 15 : 406 ، 454 . ولقد نسي أبو جعفر رحمه الله ، فإنه لم يذكر" الإنابة" في غير هذين الموضعين القريبين ، ولم يذكر في تفسيرهما شيئًا من الشواهد ، وكأنه لما أوغل في التفسير ، وكان قد أعد له العدة ، شبه عليه الأمر ، وظن أن الذي سيأتي مرارًا ، مضى قبل ذلك مرارًا ، فقال من ذلك ما قال هنا ، وقد مر مثله وأشرت إليه .
Quran Translation Sura Ar-Ra'd aya 27
And those who disbelieved say, "Why has a sign not been sent down to him from his Lord?" Say, [O Muhammad], "Indeed, Allah leaves astray whom He wills and guides to Himself whoever turns back [to Him] -