أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله
(للإنتقال إلى الصفحة الرئيسية للموسوعة الإسلامية اضغط هنا)



عودة إلى السورة

تفسير: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ ۗ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۗ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَوْا ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (سورة يوسف الآية 109)

    القرآن الكريم تفسير سورة يوسف الآية رقم 109.
    قال اللهُ تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ ۗ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۗ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَوْا ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ [يوسف: 109].


    التفاسير للآية 109 من سورة يوسف


    التفسير الميسر


    وما أرسلنا من قبلك -أيها الرسول- للناس إلا رجالا منهم ننزل عليهم وحينا، وهم من أهل الحاضرة، فهم أقدر على فهم الدعوة والرسالة، يصدقهم المهتدون للحق، ويكذبهم الضالون عنه، أفلم يمشوا في الأرض، فيعاينوا كيف كان مآل المكذبين السابقين وما حلَّ بهم من الهلاك؟ ولَثواب الدار الآخرة أفضل من الدنيا وما فيها للذين آمنوا وخافوا ربهم. أفلا تتفكرون فتعتبروا؟


    تفسير ابن كثير


    وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ ۗ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۗ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَوْا ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ|||

    يخبر تعالى أنه إنما أرسل رسله من الرجال لا من النساء . وهذا قول جمهور العلماء ، كما دل عليه سياق هذه الآية الكريمة : أن الله تعالى لم يوح إلى امرأة من بنات بني آدم وحي تشريع .

    وزعم بعضهم : أن سارة امرأة الخليل ، وأم موسى ، ومريم أم عيسى نبيات ، واحتجوا بأن الملائكة بشرت سارة بإسحاق ، ومن وراء إسحاق يعقوب ، وبقوله : ( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه ) الآية . [ القصص : 7 ] وبأن الملك جاء إلى مريم فبشرها بعيسى - عليه السلام - وبقوله تعالى : ( وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ) [ آل عمران : 42 ، 43 ] .

    وهذا القدر حاصل لهن ، ولكن لا يلزم من هذا أن يكن نبيات بذلك ، فإن أراد القائل بنبوتهن هذا القدر من التشريف ، فهذا لا شك فيه ، ويبقى الكلام معه في أن هذا : هل يكفي في الانتظام في سلك النبوة بمجرده أم لا ؟ الذي عليه [ أئمة ] أهل السنة والجماعة ، وهو الذي نقله الشيخ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري عنهم : أنه ليس في النساء نبية ، وإنما فيهن صديقات ، كما قال تعالى مخبرا عن أشرفهن مريم بنت عمران حيث قال : ( ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام ) [ المائدة : 75 ] فوصفها في أشرف مقاماتها بالصديقية ، فلو كانت نبية لذكر ذلك في مقام التشريف والإعظام ، فهي صديقة بنص القرآن .

    وقال الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : ( وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى ) أي : ليسوا من أهل السماء كما قلتم . وهذا القول من ابن عباس يعتضد بقوله تعالى : ( وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ) الآية [ الفرقان : 20 ] وقوله تعالى : ( وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين ) [ الأنبياء : 8 ، 9 ] وقوله تعالى : ( قل ما كنت بدعا من الرسل ) الآية [ الأحقاف : 9 ] .

    وقوله : ( من أهل القرى ) المراد بالقرى : المدن ، لا أنهم من أهل البوادي ، الذين هم أجفى الناس طباعا وأخلاقا . وهذا هو المعهود المعروف أن أهل المدن أرق طباعا ، وألطف من أهل سوادهم ، وأهل الريف والسواد أقرب حالا من الذين يسكنون في البوادي; ولهذا قال تعالى : ( الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ) [ التوبة : 97 ] .

    وقال قتادة في قوله : ( من أهل القرى ) لأنهم أعلم وأحلم من أهل العمود .

    وفي الحديث الآخر : أن رجلا من الأعراب أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناقة ، فلم يزل يعطيه ويزيده حتى رضي ، فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " لقد هممت ألا أتهب هبة إلا من قرشي ، أو أنصاري ، أو ثقفي ، أو دوسي " .

    وقال الإمام أحمد : حدثنا حجاج ، حدثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن يحيى بن وثاب ، عن شيخ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الأعمش : هو [ ابن ] عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم ، خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم " .

    وقوله : ( أفلم يسيروا في الأرض ) [ يعني : هؤلاء المكذبين لك يا محمد في الأرض ] ( فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ) أي : من الأمم المكذبة للرسل ، كيف دمر الله عليهم ، وللكافرين أمثالها ، كقوله : ( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) [ الحج : 46 ] ، فإذا استمعوا خبر ذلك ، رأوا أن الله قد أهلك الكافرين ونجى المؤمنين ، وهذه كانت سنته تعالى في خلقه; ولهذا قال تعالى : ( ولدار الآخرة خير للذين اتقوا ) أي : وكما أنجينا المؤمنين في الدنيا ، كذلك كتبنا لهم النجاة في الدار الآخرة أيضا ، وهي خير لهم من الدنيا بكثير ، كما قال تعالى : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ) [ غافر : 50 ، 51 ] .

    وأضاف الدار إلى الآخرة فقال : ( ولدار الآخرة ) كما يقال : " صلاة الأولى " و " مسجد الجامع " و " عام الأول " و " بارحة الأولى " و " يوم الخميس " . قال الشاعر :

    أتمدح فقعسا وتذم عبسا ألا لله أمك من هجين ولو أقوت عليك ديار عبس

    عرفت الذل عرفان اليقين




    تفسير ابن جرير الطبري


    وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ ۗ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۗ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَوْا ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ|||

    القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ (109)

    قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما أرسلنا، يا محمد، من قبلك إلا رجالا لا نساءً ولا ملائكة ، ( نوحي إليهم ) آياتنا، بالدعاء إلى طاعتنا وإفراد العبادة لنا ، ( من أهل القرى ) ، يعني: من أهل الأمصار , دون أهل البوادي، (12) كما:-

    19985 - حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: ( وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى ) ، لأنهم كانوا أعلم وأحلم من أهل العَمُود (13) .

    * * *

    وقوله: ( أفلم يسيروا في الأرض ) ، يقول تعالى ذكره: أفلم يسر هؤلاء المشركون الذين يكذبونك، يا محمد، ويجحدون نبوّتك , وينكرون ما جئتهم به من توحيد الله وإخلاص الطاعة والعبادة له ، ( في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ) ، إذ كذبوا رسُلنا؟ ألم نُحِلّ بهم عقوبتنا , فنهلكهم بها , وننج منها رسلنا وأتباعنا , فيتفكروا في ذلك ويعتبروا؟

    * * *

    * ذكر من قال ذلك:

    19986 - حدثنا القاسم , قال: حدثنا الحسين , قال: حدثني حجاج , قال: قال ابن جريج: قوله: ( وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم ) ، قال: إنهم قالوا: مَا أَنْـزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ [سورة الأنعام: 91] ، قال: وقوله: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ * وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ [سورة يوسف: 103، 104]، وقوله: وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا [سورة يوسف: 105]، وقوله: أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ [سورة يوسف: 107] ، وقوله: ( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا ) ، من أهلكنا؟ قال: فكل ذلك قال لقريش: أفلم يسيروا في الأرض فينظروا في آثارهم، فيعتبروا ويتفكروا؟

    * * *

    وقوله: ( ولدار الآخرة خير ) ، يقول تعالى ذكره: هذا فِعْلُنا في الدنيا بأهل ولايتنا وطاعتنا , أَنّ عقوبتنا إذا نـزلت بأهل معاصينا والشرك بنا، أنجيناهم منها , وما في الدار الآخرة لهم خير.

    * * *

    ، وترك ذكر ما ذكرنا، اكتفاء بدلالة قوله: ( ولدار الآخرة خير للذين اتقوا ) ، عليه , وأضيفت " الدار " إلى " الآخرة " , وهي" الآخرة " , لاختلاف لفظهما , كما قيل: إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ، [سورة الواقعة: 95]، وكما قيل: " أتيتك عام الأوَّل , وبارحة الأولى , وليلة الأولى , ويوم الخميس "، (14) وكما قال: الشاعر: (15)

    أَتَمْــدَحُ فَقْعَسًــا وَتَــذُمُّ عَبْسًــا

    أَلا للـــهِ أُمُّــكَ مِــنْ هَجِــينِ

    وَلَــوْ أَقْــوَتْ عَلَيْـكَ دِيَـارُ عَبْسٍ

    عَــرَفْتَ الــذُّلَّ عِرْفَــانَ اليَقِيـنِ (16)

    يعني: عرفانًا له يقينًا . (17)

    * * *

    قال أبو جعفر: فتأويل الكلام: وللدار الآخرة خير للذين اتقوا الله، بأداء فرائضه واجتناب معاصيه .

    * * *

    وقوله: ( أفلا تعقلون ) ، يقول: أفلا يعقل هؤلاء المشركون بالله حقيقةَ ما نقول لهم ونخبرهم به، من سوء عاقبة الكفر , وغِبّ ما يصير إليه حال أهله، مع ما قد عاينوا ورأوا وسمعوا مما حلّ بمن قبلهم من الأمم الكافرة المكذبةِ رسلَ ربّها؟ (18)

    * * *

    ----------------------

    الهوامش:

    (12) انظر تفسير" القرية" فيما سلف 8 : 453 / 12 : 299 .

    (13) قوله" أهل العمود" ، العمود ( بفتح العين ) : وهو الخشبة القائمة في وسط الخباء ، والأخبية بيوت أهل البادية ، فقوله" أهل العمود" ، يعني أهل البادية ، كما يدل عليه السياق هنا ، وكما بينه ابن زيد في تفسير هذه الآية إذ قال :" أهل القرى أعلم وأحلم من أهل البادية" ( تفسير أبي حيان 5 : 353 ) . وقال الزمخشري في الأساس" ويقال لأصحاب الأخبية : هم أهل عمود ، وأهل عماد ، وأهل عمد" ، وروى صاحب اللسان بيتًا ، وهو :

    ومَــا أهْــلُ العَمُــود لنَـا بـأَهْلٍ

    ولاَ النَّعَــمُ المُسَــامُ لَنــا بمَــالٍ

    فهذا قول رجل يبرأ من أن يكون من أهل البادية ، فذكر الخصائص التي يألفها أهل البادية ، ويكونون بها أهل بادية .

    (14) هذا موجز كلام الفراء في معاني القرآن ، في تفسير الآية .

    (15) لم أعرف قائله .

    (16) رواهما الفراء في معاني القرآن ، في تفسير الآية . وكان في المطبوعة :" ولو أفزت" ، وهو خطل محض ، وفي المخطوطة" ولو أفرت" ، غير منقوطة ، وهو تصحيف .

    و" الهجين" ، ولد العربي لغير العربية . و" أقوت الدار" : أقفرت وخلت من سكانها . وظاهر هذا الشعر ، أن قائله يقوله في رجل من بني عبس ، كان هجينًا ، فمدح فقعسًا وذم قومه لخذلانهم إياه . فهو يقول له : لو فارقت عبس مكانها وأفردتك فيه ، لعرفت الذل عرفانًا يقينًا .

    (17) في المطبوعة والمخطوطة :" عرفانا به" ، وكأن الصواب ما أثبت . وفي الفراء :" عرفانًا يقينًا" ، بغير" له" ، وهو أجود .

    (18) في المطبوعة :" بما قبلهم من الأمم" ، والصواب من المخطوطة .




    English Saheeh International Translation


    Quran Translation Sura Yusuf aya 109

    And We sent not before you [as messengers] except men to whom We revealed from among the people of cities. So have they not traveled through the earth and observed how was the end of those before them? And the home of the Hereafter is best for those who fear Allah; then will you not reason?

    لتحميل المصحف القرآن الكريم بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن كثير بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل تفسير ابن جرير الطبري بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل القرآن الكريم المصحف الوسط بصيغة PDF اضغط هنا
    تحميل التفسير الميسر طباعة مجمع الملك فهد بصيغة PDF اضغط هنا