يذكر تعالى ما كان من الكلام بين صالح ، عليه السلام ، وبين قومه ، وما كان عليه قومه من الجهل والعناد في قولهم : ( قد كنت فينا مرجوا قبل هذا ) أي : كنا نرجوك في عقلك قبل أن تقول ما قلت! ( أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا ) وما كان عليه أسلافنا ، ( وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب ) أي : [ في ] شك كثير .
القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: قالت ثمود لصالح نبيِّهم: (يا صالح قد كنت فينا مرجوًّا) ، أي كنا نرجُو أن تكون فينا سيدًا قبل هذا القول الذي قلته لنا ، من أنه مالنا من إله غير الله (22) ، (أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا) ، يقول: أتنهانا أن نعبد الآلهة التي كانت آباؤنا تعبدها ، (وإننا لفي شك مما تدعونَا إليه مريب) ، يعنون أنهم لا يعلمون صحَّة ما يدعوهم إليه من توحيد الله، وأن الألوهة لا تكون إلا لهُ خالصًا.
* * *
وقوله : (مريب) ، أي يوجب التهمة ، من " أربته فأنا أريبه إرابة "، إذا فعلت به فعلا يوجب له الريبة، (23) ومنه قول الهذلي: (24)
كُــنْتُ إِذَا أَتَوْتُــه مِــنْ غَيْــبِ
يَشَـــمُّ عِطْفِــي وَيــبُزُّ ثَــوْبِي
*كَأَنَّمَا أَرَبْتُهُ بِرَيْبِ* (25)
------------------------
الهوامش:
(22) انظر تفسير " الرجاء " فيما سلف 4 : 319 .
(23) انظر تفسير " الريبة " فيما سلف من فهارس اللغة ( ريب) .
(24) هو خالد بن زهير الهذلي
(25) ديوان الهذليين 1 : 165 ، واللسان ( ريب) ( بزز ) ، ( أتى ) ، وغيرها كثير ، وسيأتي في التفسير 22 : 76 ( بولاق ) . وكان خالد بن زهير ، ابن أخت أبي ذؤيب ، وكان رسول أبي ذؤيب إلى صديقته ، فأفسدها عليه ، فكان يشك في أمره ، فقال له خالد :
يَــا قَــوْمِ مَــالِي وَأَبَـا ذُؤَيْـبِ
كُــنْتُ إذَا أَتَوْتُــه مــن غَيْــبِ
" أتوته " ، لغة في " أتيته " ، وقوله : " من غيب " ، من حيث لا يدري ، لأن " الغيب " ، هو الموضع الذي لا يدري ما ورائه . و" يبز ثوبي " ، أي يجذبه إليه ، يريد أن يمسكه حتى يستخرج خبء نفسه ، من طول ارتيابه فيه .
Quran Translation Sura Hud aya 62
They said, "O Salih, you were among us a man of promise before this. Do you forbid us to worship what our fathers worshipped? And indeed we are, about that to which you invite us, in disquieting doubt."