يقول تعالى ممتنا على خلقه بما أنزل إليهم من القرآن العظيم على رسوله الكريم : ( ياأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم ) أي : زاجر عن الفواحش ، ( وشفاء لما في الصدور ) أي : من الشبه والشكوك ، وهو إزالة ما فيها من رجس ودنس ، ( وهدى ورحمة ) أي : محصل لها الهداية والرحمة من الله تعالى . وإنما ذلك للمؤمنين به والمصدقين الموقنين بما فيه ، كما قال تعالى : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ) [ الإسراء : 82 ] ، وقال تعالى : ( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد ) [ فصلت : 44 ] .
القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لخلقه: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم) ، يعني : ذكرى تذكركم عقابَ الله وتخوّفكم وعيده (4) ، (من ربكم)، يقول: من عند ربكم ، لم يختلقها محمد صلى الله عليه وسلم ، ولم يفتعلها أحد، فتقولوا: لا نأمن أن تكون لا صحةَ لها. وإنما يعني بذلك جلّ ثناؤه القرآن، وهو الموعظة من الله.
وقوله: (وشفاء لما في الصدور)، يقول: ودواءٌ لما في الصدور من الجهل، يشفي به الله جهلَ الجهال، فيبرئ به داءهم ، ويهدي به من خلقه من أراد هدايته به ، (وهدى)، يقول: وهو بيان لحلال الله وحرامه، ودليلٌ على طاعته ومعصيته ، (ورحمة)، يرحم بها من شاء من خلقه، فينقذه به من الضلالة إلى الهدى، وينجيه به من الهلاك والردى. وجعله تبارك وتعالى رحمة للمؤمنين به دون الكافرين به، لأن من كفر به فهو عليه عمًى، وفي الآخرة جزاؤه على الكفر به الخلودُ في لظًى.
----------------------
الهوامش :
(4) انظر تفسير " الموعظة " فيما سلف 8 : 528 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .
Quran Translation Sura Yunus aya 57
O mankind, there has come to you instruction from your Lord and healing for what is in the breasts and guidance and mercy for the believers.