ج/ 34 ص -5-بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
باب الظهار
سئل شيخ الإسلام أَحَمدُ بن تَيميَّة قدسَ اللّه روحه عن رجل قال لامرأته: أنت على مثل أمي، وأختي؟
فأجاب:
إن كان مقصوده أنت على مثل أمي وأختي في الكرامة فلا شيء عليه. وإن كان مقصوده يشبهها بأمه وأخته في باب النكاح فهذا ظهار، عليه ما على المظاهر، فإذا أمسكها فلا يقربها حتى يكفر كفارة ظهار.
وسئل رَحمه الله عن رجل تزوج، وأراد الدخول الليلة الفلانية، وإلا كانت عندي مثل أمي وأختي، ولم تتهيأ له ذلك الوقت الذي طلبها فيه، فهل يقع طلاق؟
ج/ 34 ص -6-فأجاب:
لا يقع عليه طلاق قي المذاهب الأربعة، لكن يكون مظاهرا فإذا أراد الدخول فإنه يكفر قبل ذلك. الكفارة التي ذكرها الله في سورة المجادلة فيعتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا.
وسئل رَحمه الله تعالى عن رجل حنق من زوجته فقال: إن بقيت أنكحك أنكح أمي تحت ستور الكعبة: هل يجوز أن يصالحها؟
فأجاب:
الحمد لله، إذا نكحها فعليه كفارة الظهار عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، ولا يمسها حتى يُكَفِّر.
وسئل رَحمه الله عن رجلين قال أحدهما لصاحبه: يا أخي، لا تفعل هذه الأمور بين يدي امرأتك، قبيح عليك، فقال: ما هي إلا مثل أمي. فقال: لأي شيء قلت؟ ! سمعت أنها تحرم بهذا اللفظ، ثم كرر على نفسه، وقال: أي والله هي عندي مثل أمي: هل تحرم على الزوج بهذا اللفظ؟
ج/ 34 ص -7-فأجاب:
الحمد لله رب العالمين، إن أراد بقوله: إنها مثل أمي أنها تستر على ولا تهتكني ولا تلومني، كما تفعل الأم مع ولدها، فإنه يؤدب على هذا القول، ولا تحرم عليه امرأته؛ فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع رجلا يقول لامرأته: يا أختي، فأدبه وإن كان جاهلا لم يؤدب على ذلك، وإن استحق العقوبة على ما فعله من المنكر وقال أختك هي؟ ! فلا ينبغي أن يجعل الإنسان امرأته كأمه.
وإن أراد بها عندي مثل أمي. أي في الامتناع عن وطئها، والاستمتاع بها، ونحو ذلك مما يحرم من الأم، فهي مثل أمي التي ليست محلا للاستمتاع بها، فهذا مظاهر يجب عليه ما يجب على المظاهر فلا يحل له أن يطأها حتى يكفر كفارة الظهار فيعتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا. وإذا فعل ذلك حل له ذلك باتفاق المسلمين، إلا ينوي أنها محرمة على كأمي، فهذا يكون مظاهرا في مذهب أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد. وحكي في مذهب مالك نزاع في ذلك: هل يقع به الثلاث، أم لا؟
والصواب المقطوع به أنه لا يقع به طلاق، ولا يحل له الوطء حتى يكفر باتفاقهم، ولا يقع به الطلاق بذلك. والله أعلم.
ج/ 34 ص -8-وسئل رَحمه الله عن رجل قال لامرأته بائن عنه إن رددتك تكوني مثل أمي وأختي: هل يجوز أن يردها، وما الذي يجب عليه؟
فأجاب:
في أحد قولي العلماء عليه كفارة ظهار، وإذا ردها في الآخر لا شيء. والأول أحوط.
وسئل رَحمه الله عن رجل قال في غيظه لزوجته: أنت على حرام مثل أمي.
فأجاب:
هذا مظاهر من امرأته، داخل في قوله: "الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا" [المجادلة: 2،4]، فهذا إذا أراد إمساك زوجته ووطأها فإنه لا يقربها حتى يكفر هذه الكفارة التي ذكرها الله.
ج/ 34 ص -9-وسئل رَحمه الله عن رجل قالت له زوجته: أنت على حرام مثل أبي وأمي. وقال لها: أنت على حرام مثل أمي وأختي: فهل يجب عليه الطلاق؟
فأجاب:
لا طلاق بذلك، ولكن إن استمر على النكاح فعلى كل منهما كفارة ظهار قبل أن يجتمعا، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا.