ج/ 30 ص -313-باب العارية
سُئل شيخ الإسلام رحمه الله عمن استعار من رجل فرسًا ليركبها إلى باب النصر، واشترط المستعير على ألا يسير بالفرس سوى إلى باب النصر، ويجيء من ساعته، فسار بها إلى بركة الحجاج، ولم يجئ إلا بعد العصر، فانتكب الفرس، وباعها صاحبها بنصف قيمتها. فهل يجب على المستعير نصف نقص القيمة؟
فأجاب:
نعم، إذا كان قد زاد في الاستعمال على ما أذن له صاحبها فهو ظالم، ضامن ما يتلف بعدوانه، فما نقص من قيمة الفرس بهذا الظلم كان ضامنًا له باتفاق الأئمة.
ج/ 30 ص -314-وسئل رحمه الله عن رجل أعار فرسًا وهي شركة بغير إذن شريكه، فماتت الفرس عند الذي أعارها شريكه، فمن يضمن حصة الشريك؟
فأجاب:
إذا أعار نصيب الشريك بغير إذنه وتلفت الفرس، كان له مطالبة المعير المعتدي بقيمة نصيبه، وله مطالبة المستعير أيضا. والله أعلم.
وسئل رحمه الله عن امرأة استعارت زوجي حلق، وقد عدموا منها. فهل يلزمها قيمة الحلق؟
فأجاب:
إن كانت فرطت في حفظها لزمها غرامتها باتفاق العلماء. وإن لم تفرط ففي ذلك نزاع مشهور بينهم. ففي مذهب أبي حنيفة لا ضمان عليها، وفي مذهب الشافعي وأحمد عليها الضمان، وعند مالك إذا تلفت بسبب معلوم فلا ضمان عليها، وإذا ادعت التلف بسبب خفي لم يقبل منها. والله أعلم.
ج/ 30 ص -315-وسئل رحمه الله عن رجل سافر، وانتهي به الطريق إلى قرية، فعزم عليه رجل فبات عنده، وطلب منه دابة، فلما وصل إلى الفندق ماتت؟
فأجاب:
هذه المسألة فيها قولان للعلماء:
أحدهما: لا ضمان عليه إذا تلفت بغير تفريطه، ولا عدوانه. وهذا مذهب أبي حنيفة، ومالك،وبعض أصحاب الإمام أحمد.
والقول الثاني: عليه الضمان، وهو مذهب الشافعي، وأحمد. والله أعلم.
وسئل عمن استعار من رجل شيئًا فأعاره، وهو لا يشك في أنه عمر، وقطع بأنه ذلك الشخص، وطلب ما أعاره، فأنكر فحلف بالطلاق الثلاث أنه هو المستعير، فطلع خلاف ما ظنه، وجاء بالعارية. فهل يقع عليه الطلاق والحالة هذه أم لا؟
ج/ 30 ص -316-فأجاب:
إذا كان الأمر على ما ذكر، من أنه يعتقد صدق نفسه، فما حلف عليه لم يقع به الطلاق، وإن تبين له فيما بعد أنه أخطأ، والله أعلم، والحمد لله رب العالمين.
وسئل رحمه الله عن رجلين عند أمير فقال الأمير لأحدهما: اطلب سيف رفيقك على سبيل العارية، فأجاب، وأخذه الأمير فعدم عنده. هل تلزم المطالبة للأمير، أو للرسول الذي استعاره؟
فأجاب:
إذا كان الرسول لم يكذب، ولم يتعد، فلا ضمان عليه، بل الضمان على المستعير، إن كان فرط أو اعتدي، باتفاق العلماء، وإلا ففي ضمانه نزاع. والله أعلم.