أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله
(للإنتقال إلى الصفحة الرئيسية للموسوعة الإسلامية اضغط هنا)

(اختيار من أقسام الكتاب والفتاوى)

باب الرهن

    ج/ 29 ص -536-باب الرهن
    سئل رَحمه اللّه عن رجل أرهن داره عند رجل على مال إلى أجل، فحل الأجل، وهو عاجز، فقال المرتهن‏:‏ يعني الدار بشرط إن وفيتني أخذتها بالثمن وإن سكنتها لم آخذ منك أجرة، فهل البيع صحيح ‏؟‏ وقد عمر المشتري فوقها بناء، فما حكمه ‏؟‏
    فأجاب‏:‏
    ليس هذا بيعا صحيحًا، بل تعاد الدار إلى صاحبها، ويوفي الدين المستحق، والعمارة التي عمرها المشتري تحسب له‏.‏ واللّه أعلم‏.‏
    وسئل رَحمه اللّه عن رجل له نصف بستان، والباقي لرجل آخر، واستعار من شريكه نصفه ليرهنه بدين إلى أجل، وعرفه مقدار الدين والأجل فأعاره، ورهن البستان عند صاحب الدين، ثم إنه فك نصيبه وباعه لصاحب الدين بثمن معلوم، وتقاصا، فهل له ذلك‏؟‏ وهل يبقي نصيب

    ج/ 29 ص -537-المعير مرهونًا على باقي الدين ‏؟‏ أم له الرجوع في كل وقت ‏؟‏
    فأجاب‏:‏
    الحمد للّه، نعم يجوز للمدين أن يبيع نصيبه لوفاء دينه، كما ذكروا، وإذا باعه وكان مما تجب فيه الشفعة فللشريك أخذه بالشفعة‏.‏
    وأما نصيب
    المعير فيبقي مرهونًا على باقي الدين، كما كان قبل ذلك، وليس للمعير الرجوع في مثل هذه العارية؛ لتعلق حق المرتهن بها‏.‏ واللّه أعلم‏.‏
    وسئل رَحمه اللّه عن رجل عنده رهن على مبلغ إلى مدة معلومة، فلما انقضي الأجل دفع إلى رب الدين حقه إلا مائة، ثم قطعت القبالة الأولي، وكتب بالمائة درهم حجة، ولم يعاد فيه ذكر الرهن، فهل لهذه المائة الباقية بالرهن المذكور تعلق ‏؟‏
    فأجاب‏:‏
    إذا أوفي الغريم بعض الدين، وبقي بعضه، فالرهن باق بما بقي من الحق، إلا أن يحصل ما يوجب فكاكه؛ مثل فك المرتهن له، ونحو ذلك‏.‏

    ج/ 29 ص -538-وسئل عن رجل أرهن داره ثم أشهد على نفسه، أنه عوض امرأته بالدار عن حقها من مدة عشر سنين، فهل يبطل الرهن‏؟‏ وهل يجوز للمرتهن أن يؤجر الدار ‏؟‏
    فأجاب‏:‏
    الحمد للّه رب العالمين، لا يقبل إقرار الراهن بما يبطل الرهن، وإن قيل‏:‏ إنه إذا أقر بالرهن فللمقر له أن يطلبه بموجب إقراره بلا ريب، لأنه إذا أقر أن الرهن كان ملكا لغيره، وأنه رهنه بدون إذنه لم يبطل الرهن بمجرد ذلك‏.‏ واللّه أعلم‏.‏
    وسئل عمن له على شخص دين، وأرهن عليه رهنًا، والدين حال، ورب الدين محتاج إلى دراهمه، فهل يجوز له بيع الرهن ‏؟‏ أم لا ‏؟‏
    فأجاب‏:‏
    إذا كان أذن له في بيعه جاز، وإلا باع الحاكم إن أمكن، ووفاه حقه منه‏.‏ ومن العلماء من يقول‏:‏ إذا تعذر ذلك دفعه إلى ثقة يبيعه، ويحتاط بالإشهاد على ذلك، ويستوفي حقه منه‏.‏ واللّه أعلم‏.‏

    ج/ 29 ص -539-وسئل عن رجل أمر أجيره أن يرهن شيئا عند شخص، فرهنه عند غيره، فعدم الرهن، فحلف صاحب الرهن إن لم يأته به لم يستعمله، معتقدًا أنه لم يعدم، ثم تبين له عدمه، فهل يحنث إذا استعمله ‏؟‏
    فأجاب‏:‏
    الحمد للّه، إذا كان حين حلف معتقدًا أن الرهن باق بعينه لم يعدم، فحلف ليحضره لم يحنث والحالة هذه‏.‏ واللّه أعلم‏.‏
    وسئل رَحمه اللّه عن رهن عند رجل على مبلغ إلى مدة، وقد انقضت المدة، ثم إنه أرهنه بإذن مالكه على المبلغ عند إنسان آخر، وقد طلب الراهن الثاني ما على الرهن، وحبس لأجله، ولم يكن له ما يستفكه، فهل يجوز بيعه ‏؟‏ أم لا ‏؟‏
    فأجاب‏:‏
    نعم يجوز بيع الرهن لاستيفاء الحق منه والحالة هذه، لا سيما وقد أذن الراهن الأول في الرهن على الدين، فيجوز بيعه

    ج/ 29 ص -540-حينئذ لاستيفاء هذا الحق منه، فإذا أمكن بيعه واستيفاء الحق منه لم يجز حبس الغريم‏.‏ واللّه أعلم‏.‏
    وسئل عن امرأة أسرت ولها ملك وزوج وأخ، فأرهنوا ملكها على دراهم لأجل فكاكها، وراح أخوها بالدراهم في طلبها، فوجدها حصلت بلا ثمن، فرجعت إلى بلدها، وتخلف أخوها في حوائجه، فلما وصلت ووجدت ملكها مرهونًا على الدراهم، فقالت‏:‏ يرهن مالي بغير أمري‏؟‏ وأنكرت أن أخاها سلم اليها شيئا من الدراهم، فهل يلزمها الرهن‏؟‏ أم لا ‏؟‏
    فأجاب‏:‏
    لا شيء عليهم والحالة هذه، بل يعاد اليها ما قبضه أخوها، ويفك الرهن على ملكها‏.‏ واللّه أعلم‏.‏

    ج/ 29 ص -541-وسئل رَحمه اللّه عن رجل أقرض عمه خمسة آلاف درهم، ثم إن ابن عمه تدين دراهم من ناس آخرين، واشتري خمسة غلمان وجارية، وكتب مكتوبًا أن الخمسة الغلمان دون الجارية رهن عند أصحاب الدين، ثم إنه باع الغلمان وأوصلهما لمن كانوا رهنا عنده، ثم إن صاحب الخمسة آلاف اشتري الجارية بالدين الذي له عليه، فمسكوه أصحاب الدين الذين أخذوا ثمن الغلمان؛ ليأخذوها من دينهم أيضا، فهل لهم ذلك‏؟‏ أم لا ‏؟‏ وهو لم يكن ضامنا، ولا كفيلا ‏؟‏
    فأجاب‏:‏
    الحمد للّه، إذا لم تكن الجارية مرهونة عند أهل الدين الثاني، لم يكن لأهل هذا الدين اختصاص بها دون بقية الغرماء باتفاق المسلمين‏.‏ فكيف يكون إذا كان قد وفاها من الدين الذي لغيرهم؛ فإن العدل في الوفاء بين الغرماء بعد الحجر على المفلس واجب باتفاق الأئمة‏.‏ وأما قبل الحجر ففيه نزاع‏.

    ج/ 29 ص -542-وسئل رَحمه اللّه عن رجل له دين على إنسان، فوجد ولده راكبًا على فرس، فأخذ الفرس منه، فحضر المديون إلى صاحب الفرس، فطالبه صاحب الدين بدينه، فقال له‏:‏ خذ هذه الفرس عندك حتي أوفيك دينك، فقال له صاحب الدين‏:‏ لي عندك فضة، مالي عندك فرس، وهذا حيوان، والموت والحياة بيد اللّه سبحانه وتعالى، فقال له المديون‏:‏ أبرأك اللّه من هذه الفضة فمهما حدث كان في دركي، فقعدَتْ عند صاحب الدين أيامًا يعلفها ويسقيها، ولا يركبها، فأسقطت الفرس ميتة، لم تستهل بقضاء اللّه وقدره، فجاء رجل آخر غير المديون ادعي أن الفرس له، وطالب بسقط الفرس‏.‏ فقال صاحب الدين‏:‏ أنا لا أعرفك، ولا لك معي كلام، وأحلف لك أني ما ركبت الفرس، ولا ركبها أحد عندي، ولا ضربتها، فهل يجب على صاحب الدين‏؟‏ أو على الذي أرهن الفرس قيمة السقط، أم لا‏؟‏ وكم يكون قيمة السقط ‏؟‏
    فأجاب‏:‏
    إذا قبضت الفرس من مالكها بغير حق فله ضمان ما نقصت، وهو تفاوت ما بين القيمات، فإن كان المستولي عليها غاصبا متعديا

    ج/ 29 ص -543-فقرار الضمان عليه، وإن كان مغرورًا ولم يتلف بسبب منه فقرار الضمان على الأول الذي غره، وضمن له الدرك‏.‏ واللّه أعلم‏.‏
    وسئل عن رجل تحت يده رهن على دين، ثم باعه مالكه، فأراد المرتهن أن يثبت عقد الرهن، ويفسخ البيع، فعلى من يدعي ‏؟‏
    فأجاب‏:‏
    بيع الرهن اللازم بدون إذن المرتهن لا يجوز، وللمرتهن أن يطلب دينه من الراهن المدين إن كان قد حل، وله أن يطلب عود الرهن، أو استيفاء حقه منه‏.‏ وإن شاء طالب البائع له‏.‏ وإن شاء طالب المشتري له، لكن المشتري إن كان مغرورًا فقرار الضمان على البائع، يجب عليه ضمان أجرة المبيع‏.‏ وإن كان عالمًا بصورة الحال فهو ظالم، عليه ضمان المنفعة

    ج/ 29 ص -544-وسئل رَحمه اللّه تعالى عن رجل أرهن حِياصَة فاستعملها المرتهن، فقطع سيرها وعدم طليها ‏؟‏
    فأجاب‏:‏
    إن كانت نقصت باستعمال المرتهن، فعليه ضمان ما نقص بالاستعمال، واللّه سبحانه أعلم‏.


    تحميل كتاب مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية بصيغة PDF
    تحميل كتاب مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية بصيغة XML