وسئل هل المدينة من الشام؟
فأجاب: مدينة النبي ﷺ من الحجاز باتفاق أهل العلم ولم يقل أحد من المسلمين ولا غيرهم أن المدينة النبوية من الشام وإنما يقول هذا جاهل بحد الشام والحجاز جاهل بما قاله الفقهاء وأهل اللغة وغيرهم. ولكن يقال المدينة شامية ومكة يمانية: أي المدينة أقرب إلى الشام ومكة أقرب إلى اليمن وليست مكة من اليمن ولا المدينة من الشام. وقد أمر النبي ﷺ في مرض موته: أن تخرج اليهود والنصارى من جزيرة العرب - وهي الحجاز - فأخرجهم عمر
ج/ 28 ص -631-بن الخطاب رضي الله عنه من المدينة وخيبر وينبع واليمامة ومخاليف هذه البلاد، ولم يخرجهم من الشام، بل لما فتح الشام أقر اليهود والنصارى بالأردن وفلسطين وغيرهما كما أقرهم بدمشق وغيرها.
وتربة الشام تخالف تربة الحجاز كما يوجد الفرق بينهما عند المنحنى الذي يسمى عقبة الصوان. فإن الإنسان يجد تلك التربة مخالفة لهذه التربة كما تختلف تربة الشام ومصر. فما كان دون وادي المنحنى فهو من الشام: مثل معان. وأما العلى وتبوك ونحوهما: فهو من أرض الحجاز. والله أعلم.
ج/ 28 ص -632-ما تقول السادة العلماء أئمة الدين في الكنائس التي بالقاهرة وغيرها التي أغلقت بأمر ولاة الأمور إذا ادعى أهل الذمة أنها أغلقت ظلما وأنهم يستحقون فتحها وطلبوا ذلك من ولي الأمر أيده الله تعالى ونصره فهل تقبل دعواهم؟ وهل تجب إجابتهم أم لا؟ . وإذا قالوا: إن هذه الكنائس كانت قديمة من زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وغيره من خلفاء المسلمين وأنهم يطلبون أنهم يقرون على ما كانوا عليه في زمن عمر وغيره وأن إغلاقها مخالف لحكم الخلفاء الراشدين. فهل هذا القول مقبول منهم أو مردود؟ . وإذا ذهب أهل الذمة إلى من يقدم من بلاد الحرب من رسول أو غيره فسألوه أن يسأل ولي الأمر في فتحها أو كاتبوا ملوك الحرب ليطلبوا ذلك من ولي أمر المسلمين. فهل لأهل الذمة ذلك؟ وهل ينتقض عهدهم بذلك أم لا؟ وإذا قال قائل: أنهم إن لم يجابوا إلى ذلك حصل للمسلمين ضرر
ج/ 28 ص -633-إما بالعدوان على من عندهم من الأسرى والمساجد وإما بقطع متاجرهم عن ديار الإسلام وإما بترك معاونتهم لولي أمر المسلمين على ما يعتمده من مصالح المسلمين ونحو ذلك فهل هذا القول صواب أو خطأ؟ بينوا ذلك مبسوطا مشروحا. وإذا كان في فتحها تغير قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وحصول الفتنة والفرقة بينهم وتغير قلوب أهل الصلاح والدين وعموم الجند والمسلمين: على ولاة الأمور، لأجل إظهار شعائر الكفر وظهور عزهم وفرحهم وسرورهم بما يظهرونه وقت فتح الكنائس من الشموع والجموع والأفراح وغير ذلك. وهذا فيه تغير قلوب المسلمين من الصالحين وغيرهم حتى إنهم يدعون الله تعالى على من تسبب في ذلك وأعان عليه. فهل لأحد أن يشير على ولي الأمر بذلك؟ . ومن أشار عليه بذلك هل يكون ناصحًا لولي أمر المسلمين أم غاشًا؟ . وأي الطرق هو الأفضل لولي الأمر أيده الله تعالى إذا سلكه نصره الله تعالى على أعدائه. بينوا لنا ذلك وأبسطوه بسطًا شافيًا مثابين مأجورين إن شاء الله تعالى. وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين ورضي الله عن الصحابة المكرمين
ج/ 28 ص -634- وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
فأجاب: الحمد لله رب العالمين. أما دعواهم أن المسلمين ظلموهم في إغلاقها فهذا كذب مخالف لإجماع المسلمين، فإن علماء المسلمين من أهل المذاهب الأربعة: مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم من الأئمة. كسفيان الثوري والأوزاعي والليث بن سعد وغيرهم ومن قبلهم من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين: متفقون على أن الإمام لو هدم كل كنيسة بأرض العنوة، كأرض مصر والسواد بالعراق وبر الشام ونحو ذلك مجتهدًا في ذلك ومتبعا في ذلك لمن يرى ذلك لم يكن ذلك ظلما منه، بل تجب طاعته في ذلك ومساعدته في ذلك ممن يرى ذلك. وإن امتنعوا عن حكم المسلمين لهم كانوا ناقضين العهد وحلت بذلك دماؤهم وأموالهم. وأما قولهم: إن هذه الكنائس قائمة من عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأن الخلفاء الراشدين أقروهم عليها. فهذا أيضا من الكذب، فإن من العلم المتواتر أن القاهرة بنيت بعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه: بأكثر من ثلاثمائة سنة بنيت بعد بغداد وبعد البصرة، والكوفة وواسط. وقد اتفق المسلمون على أن ما بناه المسلمون من المدائن لم يكن
ج/ 28 ص -635-لأهل الذمة أن يحدثوا فيها كنيسة، مثل ما فتحه المسلمون صلحا وأبقوا لهم كنائسهم القديمة، بعد أن شرط عليهم فيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن لا يحدثوا كنيسة في أرض الصلح فكيف في مدائن المسلمين بل إذا كان لهم كنيسة بأرض العنوة كالعراق ومصر ونحو ذلك فبنى المسلمون مدينة عليها فإن لهم أخذ تلك الكنيسة، لئلا تترك في مدائن المسلمين كنيسة بغير عهد، فإن في سنن أبي داود بإسناد جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ أنه قال: "لا تصلح قبلتان بأرض ولا جزية على مسلم". والمدينة التي يسكنها المسلمون والقرية التي يسكنها المسلمون وفيها مساجد المسلمين لا يجوز أن يظهر فيها شيء من شعائر الكفر، لا كنائس، ولا غيرها، إلا أن يكون لهم عهد فيوفى لهم بعهدهم. فلو كان بأرض القاهرة ونحوها كنيسة قبل بنائها لكان للمسلمين أخذها، لأن الأرض عنوة فكيف وهذه الكنائس محدثة أحدثها النصارى فإن القاهرة بقي ولاة أمورها نحو مائتي سنة على غير شريعة الإسلام، وكانوا يظهرون أنهم رافضة وهم في الباطن: إسماعيلية ونصيرية وقرامطة باطنية كما قال فيهم الغزالى - رحمه الله تعالى - في كتابه الذي صنفه في الرد عليهم: ظاهر مذهبهم الرفض وباطنه الكفر المحض. واتفق طوائف المسلمين: علماؤهم وملوكهم وعامتهم من
ج/ 28 ص -636-الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم: على أنهم كانوا خارجين عن شريعة الإسلام وأن قتالهم كان جائزا، بل نصوا على أن نسبهم كان باطلًا وأن جدهم كان عبيد الله بن ميمون القداح لم يكن من آل بيت رسول الله ﷺ. وصنف العلماء في ذلك مصنفات.
وشهد بذلك مثل الشيخ أبي الحسن القدوري إمام الحنفية والشيخ أبي حامد الإسفرائيني إمام الشافعية ومثل القاضي أبي يعلى إمام الحنبلية ومثل أبي محمد بن أبي زيد إمام المالكية. وصنف القاضي أبو بكر ابن الطيب فيهم كتابا في كشف أسرارهم وسماه [كشف الأسرار وهتك الأستار] في مذهب القرامطة الباطنية. والذين يوجدون في بلاد الإسلام من الإسماعيلية والنصيرية والدرزية وأمثالهم من أتباعهم. وهم الذين أعانوا التتار على قتال المسلمين وكان وزير [هولاكو] النصير الطوسي من أئمتهم. وهؤلاء أعظم الناس عداوة للمسلمين وملوكهم ثم الرافضة بعدهم. فالرافضة يوالون من حارب أهل السنة والجماعة ويوالون التتار ويوالون النصارى. وقد كان بالساحل بين الرافضة وبين الفرنج مهادنة حتى صارت الرافضة تحمل إلى قبرص خيل المسلمين وسلاحهم وغلمان السلطان وغيرهم من الجند والصبيان. وإذا انتصر المسلمون على التتار أقاموا المآتم والحزن وإذا انتصر التتار على المسلمين أقاموا
ج/ 28 ص -637-الفرح والسرور. وهم الذين أشاروا على التتار بقتل الخليفة وقتل أهل بغداد. ووزير بغداد ابن العلقمي الرافضي هو الذي خامر على المسلمين وكاتب التتار حتى أدخلهم أرض العراق بالمكر والخديعة ونهى الناس عن قتالهم.
وقد عرف العارفون بالإسلام: أن الرافضة تميل مع أعداء الدين. ولما كانوا ملوك القاهرة كان وزيرهم مرة يهوديًا ومرة نصرانيًا أرمينيًا وقويت النصارى بسبب ذلك النصراني الأرميني وبنوا كنائس كثيرة بأرض مصر في دولة أولئك الرافضة المنافقين وكانوا ينادون بين القصرين: من لعن وسب فله دينار وإردب.
وفي أيامهم أخذت النصارى ساحل الشام من المسلمين حتى فتحه نور الدين وصلاح الدين. وفي أيامهم جاءت الفرنج إلى بلبيس وغلبوا من الفرنج، فإنهم منافقون وأعانهم النصارى والله لا ينصر المنافقين الذين هم يوالون النصارى فبعثوا إلى نور الدين يطلبون النجدة فأمدهم بأسد الدين وابن أخيه صلاح الدين. فلما جاءت الغزاة المجاهدون إلى ديار مصر قامت الرافضة مع النصارى فطلبوا قتال الغزاة المجاهدين المسلمين وجرت فصول يعرفها الناس حتى قتل صلاح الدين مقدمهم شاور. ومن حينئذ ظهرت بهذه البلاد كلمة الإسلام والسنة والجماعة وصار يقرأ فيها أحاديث رسول الله ﷺ، كالبخاري
ج/ 28 ص -638-ومسلم ونحو ذلك.
ويذكر فيها مذاهب الأئمة ويترضى فيها عن الخلفاء الراشدين، وإلا كانوا قبل ذلك من شر الخلق. فيهم قوم يعبدون الكواكب ويرصدونها وفيهم قوم زنادقة دهرية لا يؤمنون بالآخرة ولا جنة ولا نار ولا يعتقدون وجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج وخير من كان فيهم الرافضة والرافضة شر الطوائف المنتسبين إلى القبلة. فبهذا السبب وأمثاله كان إحداث الكنائس في القاهرة وغيرها وقد كان في بر مصر كنائس قديمة، لكن تلك الكنائس أقرهم المسلمون عليها حين فتحوا البلاد، لأن الفلاحين كانوا كلهم نصارى ولم يكونوا مسلمين، وإنما كان المسلمون الجند خاصة وأقروهم كما أقر النبي ﷺ اليهود على خيبر لما فتحها، لأن اليهود كانوا فلاحين وكان المسلمون مشتغلين بالجهاد. ثم إنه بعد ذلك في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما كثر المسلمون واستغنوا عن اليهود أجلاهم أمير المؤمنين عن خيبر كما أمر بذلك النبي ﷺ حيث قال: "أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب" حتى لم يبق في خيبر يهودي. وهكذا القرية التي يكون أهلها نصارى وليس عندهم مسلمون ولا مسجد للمسلمين فإذا أقرهم المسلمون على كنائسهم التي فيها جاز ذلك كما فعله المسلمون: وأما إذا سكنها المسلمون
ج/ 28 ص -639-وبنوا بها مساجدهم فقد قال النبي ﷺ: "لا تصلح قبلتان بأرض" وفي أثر آخر: "لا يجتمع بيت رحمة وبيت عذاب".
والمسلمون قد كثروا بالديار المصرية وعمرت في هذه الأوقات حتى صار أهلها بقدر ما كانوا في زمن صلاح الدين مرات متعددة وصلاح الدين وأهل بيته ما كانوا يوالون النصارى ولم يكونوا يستعملون منهم أحدا في شيء من أمور المسلمين أصلا، ولهذا كانوا مؤيدين منصورين على الأعداء مع قلة المال والعدد، وإنما قويت شوكة النصارى والتتار بعد موت العادل أخي صلاح الدين حتى إن بعض الملوك أعطاهم بعض مدائن المسلمين وحدث حوادث بسبب التفريط فيما أمر الله به ورسوله ﷺ، فإن الله تعالى يقول: "وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" [الحج: 40]، وقال الله تعالى: "الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ" [الحج: 41].
فكان ولاة الأمور الذين يهدمون كنائسهم ويقيمون أمر الله فيهم كعمر بن عبد العزيز وهارون الرشيد ونحوهما: مؤيدين منصورين. وكان الذين هم بخلاف ذلك مغلوبين مقهورين. وإنما كثرت الفتن بين المسلمين وتفرقوا على ملوكهم من حين دخل
ج/ 28 ص -640-النصارى مع ولاة الأمور بالديار المصرية، في دولة المعز ووزارة الفائز وتفرق البحرية وغير ذلك. والله تعالى يقول في كتابه: "وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ" [الصافات: 171] "إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ" [الصافات: 172] "وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ" [الصافات: 173] وقال تعالى في كتابه: "إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ" [غافر: 51] وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ" [محمد: 7] وقد صح عن النبي ﷺ أنه قال: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة".
وكل من عرف سير الناس وملوكهم رأى كل من كان أنصر لدين الإسلام وأعظم جهادا لأعدائه وأقوم بطاعة الله ورسوله: أعظم نصرة وطاعة وحرمة: من عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وإلى الآن.
وقد أخذ المسلمون منهم كنائس كثيرة من أرض العنوة بعد أن أقروا عليها في خلافة عمر بن عبد العزيز وغيره من الخلفاء وليس في المسلمين من أنكر ذلك. فعلم أن هدم كنائس العنوة جائز، إذا لم يكن فيه ضرر على المسلمين. فإعراض من أعرض عنهم كان لقلة المسلمين ونحو ذلك من الأسباب كما أعرض النبي ﷺ عن إجلاء اليهود حتى أجلاهم عمر بن الخطابض
ج/ 28 ص -641-رضي الله عنه. وليس لأحد من أهل الذمة أن يكاتبوا أهل دينهم من أهل الحرب ولا يخبروهم بشيء من أخبار المسلمين ولا يطلب من رسولهم أن يكلف ولي أمر المسلمين ما فيه ضرر على المسلمين ومن فعل ذلك منهم وجبت عقوبته باتفاق المسلمين وفي أحد القولين يكون قد نقض عهده وحل دمه وماله. ومن قال إن المسلمين يحصل لهم ضرر إن لم يجابوا إلى ذلك لم يكن عارفا بحقيقة الحال، فإن المسلمين قد فتحوا ساحل الشام وكان ذلك أعظم المصائب عليهم وقد ألزموهم بلبس الغيار وكان ذلك من أعظم المصائب عليهم، بل التتار في بلادهم خربوا جميع كنائسهم وكان نوروز رحمه الله تعالى قد ألزموهم بلبس الغيار وضرب الجزية والصغار. . . فكان ذلك من أعظم المصائب عليهم ومع هذا لم يدخل على المسلمين بذلك إلا كل خير، فإن المسلمين مستغنون عنهم وهم إلى ما في بلاد المسلمين أحوج من المسلمين إلى ما في بلادهم، بل مصلحة دينهم ودنياهم لا تقوم إلا بما في بلاد المسلمين والمسلمون ولله الحمد والمنة أغنياء عنهم في دينهم ودنياهم. فأما نصارى الأندلس فهم لا يتركون المسلمين في بلادهم لحاجتهم إليهم وإنما يتركونهم خوفًا من التتار. فإن المسلمين عند التتار أعز من النصارى وأكرم ولو قدر أنهم
ج/ 28 ص -642-قادرون على من عندهم من المسلمين فالمسلمون أقدر على من عندهم من النصارى. والنصارى الذين في ذمة المسلمين فيهم من البتاركة وغيرهم من علماء النصارى ورهبانهم ممن يحتاج إليهم أولئك النصارى وليس عند النصارى مسلم يحتاج إليه المسلمون ولله الحمد مع أن فكاك الأسارى من أعظم الواجبات وبذل المال الموقوف وغيره في ذلك من أعظم القربات وكل مسلم يعلم أنهم لا يتجرون إلى بلاد المسلمين إلا لأغراضهم، لا لنفع المسلمين ولو منعهم ملوكهم من ذلك لكان حرصهم على المال يمنعهم من الطاعة فإنهم أرغب الناس في المال ولهذا يتقامرون في الكنائس.
وهم طوائف مختلفون وكل طائفة تضاد الأخرى. ولا يشير على ولي أمر المسلمين بما فيه إظهار شعائرهم في بلاد الإسلام أو تقوية أمرهم - بوجه من الوجوه - إلا رجل منافق يظهر الإسلام وهو منهم في الباطن أو رجل له غرض فاسد مثل أن يكونوا برطلوه ودخلوا عليه برغبة أو رهبة أو رجل جاهل في غاية الجهل لا يعرف السياسة الشرعية الإلهية التي تنصر سلطان المسلمين على أعدائه وأعداء الدين، وإلا فمن كان عارفا ناصحا له أشار عليه بما يوجب نصره وثباته وتأييده واجتماع قلوب المسلمين عليه ومحبتهم له ودعاء الناس له في مشارق الأرض ومغاربها. وهذا كله
ج/ 28 ص -643- إنما يكون بإعزاز دين الله وإظهار كلمة الله وإذلال أعداء الله تعالى. وليعتبر المعتبر بسيرة نور الدين وصلاح الدين ثم العادل، كيف مكنهم الله وأيدهم وفتح لهم البلاد وأذل لهم الأعداء، لما قاموا من ذلك بما قاموا به. وليعتبر بسيرة من والى النصارى كيف أذله الله تعالى وكبته. وليس المسلمون محتاجين إليهم ولله الحمد. فقد كتب خالد بن الوليد - رضي الله عنه - إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: [إن بالشام كاتبا نصرانيا لا يقوم خراج الشام إلا به] فكتب إليه: [لا تستعمله]. فكتب: [إنه لا غنى بنا عنه] فكتب إليه عمر [لا تستعمله] فكتب إليه [إذا لم نوله ضاع المال] فكتب إليه عمر - رضي الله عنه - [مات النصراني والسلام].
وثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أن مشركا لحقه ليقاتل معه فقال له: "إني لا أستعين بمشرك" وكما أن استخدام الجند المجاهدين إنما يصلح إذا كانوا مسلمين مؤمنين: فكذلك الذين يعاونون الجند في أموالهم وأعمالهم إنما تصلح بهم أحوالهم إذا كانوا مسلمين مؤمنين وفي المسلمين كفاية في جميع مصالحهم ولله الحمد.
ودخل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه على عمر بن الخطاب
ج/ 28 ص -644--رضي الله عنه - فعرض عليه حساب العراق فأعجبه ذلك وقال: [ادع كاتبك يقرؤه علي] فقال: [إنه لا يدخل المسجد] قال: [ولم؟] قال: [لأنه نصراني] فضربه عمر - رضي الله عنه -بالدرة فلو أصابته لأوجعته ثم قال: لا تعزوهم بعد أن أذلهم الله ولا تأمنوهم بعد أن خونهم الله ولا تصدقوهم بعد أن أكذبهم الله. والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها قلوبهم واحدة موالية لله ولرسوله ولعباده المؤمنين معادية لأعداء الله ورسوله وأعداء عباده المؤمنين وقلوبهم الصادقة وأدعيتهم الصالحة هي العسكر الذي لا يغلب والجند الذي لا يخذل فإنهم هم الطائفة المنصورة إلى يوم القيامة كما أخبر رسول الله ﷺ.
وقال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ" [آل عمران: 118] "هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ" [آل عمران: 119] "إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شيئا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ" [آل عمران: 120] وقال تعالى:
ج/ 28 ص -645-"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ اليهود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [المائدة: 51] "فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ" [المائدة: 52] "وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ" [المائدة: 53] "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" [المائدة: 54] "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ" [المائدة: 55] "وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ" [المائدة: 56].
وهذه الآيات العزيزة فيها عبرة لأولى الألباب فإن الله تعالى أنزلها بسبب أنه كان بالمدينة النبوية من أهل الذمة من كان له عز ومنعة على عهد النبي ﷺ وكان أقوام من المسلمين عندهم ضعف يقين وإيمان وفيهم منافقون يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر: مثل عبد الله بن أبي رأس المنافقين وأمثاله وكانوا يخافون أن تكون للكفار دولة فكانوا يوالونهم ويباطنونهم. قال الله تعالى: "فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ" [المائدة: 52] أي نفاق وضعف إيمان "يُسَارِعُونَ فِيهِمْ" [المائدة: 52]
ج/ 28 ص -646-أي في معاونتهم "يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ" [المائدة: 52] فقال الله تعالى: "فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ" [المائدة: 52] أي هؤلاء المنافقون الذين يوالون أهل الذمة "فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ" [المائدة: 52] "وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ" [المائدة: 52].
فقد عرف أهل الخبرة أن أهل الذمة من اليهود والنصارى والمنافقين يكاتبون أهل دينهم بأخبار المسلمين وبما يطلعون على ذلك من أسرارهم حتى أخذ جماعة من المسلمين في بلاد التتار وسبي وغير ذلك، بمطالعة أهل الذمة لأهل دينهم. ومن الأبيات المشهورة قول بعضهم: كل العداوات [قد] ترجى مودتها إلا عداوة من عاداك في الدين ولهذا وغيره منعوا أن يكونوا على ولاية المسلمين أو على مصلحة من يقويهم أو يفضل عليهم في الخبرة والأمانة من المسلمين، بل استعمال من هو دونهم في الكفاية أنفع للمسلمين في دينهم ودنياهم والقليل من الحلال يبارك فيه والحرام الكثير يذهب ويمحقه الله تعالى. والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم
ج/ 28 ص -647-وسئل عن نصراني قسيس بجانب داره ساحة بها كنيسة خراب لا سقف لها ولم يعلم أحد من المسلمين وقت خرابها. فاشترى القسيس الساحة وعمرها وأدخل الكنيسة في العمارة وأصلح حيطانها وعمرها وبقي يجمع النصارى فيها وأظهروا شعارهم وطلبه بعض الحكام فتقوى واعتضد ببعض الأعراب وأظهر الشر.
فأجاب: ليس له أن يحدث ما ذكره من الكنيسة وإن كان هناك آثار كنيسة قديمة ببر الشام فإن بر الشام فتحه المسلمون عنوة وملكوا تلك الكنائس، وجاز لهم تخريبها باتفاق العلماء وإنما تنازعوا في وجوب تخريبها. وليس لأحد أن يعاونه على إحداث ذلك ويجب عقوبة من أعانه على ذلك. وأما المحدث لذلك من أهل الذمة فإنه في أحد قولي العلماء ينتقض عهده ويباح دمه وماله، لأنه خالف الشروط التي شرطها عليهم المسلمون وشرطوا عليهم أن من نقضها فقد حل لهم منها ما يباح من أهل الحرب. والله أعلم.
ج/ 28 ص -648-وقال رحمه الله في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ" [المائدة: 1] قد قيل: إنها ما أمر الله به ورسوله. فإن هذه الآية كتبها النبي ﷺ في أول الكتاب الذي كتبه لعمرو بن حزم لما بعثه عاملا على نجران وكتاب عمرو فيه الفرائض والديات والسنن الواجبة بالشرع. وقوله للمؤمنين: "وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا" [المائدة: 7] وقد ذكر أهل التفسير أن سبب نزولها مبايعته للأنصار ليلة العقبة فكان النبي ﷺ واثقهم على ما هو واجب بأمر الله من السمع له والطاعة وذكرهم الله ذلك الميثاق ليوفوا به مع أنه لم يوجب إلا ما كان واجبا بأمر الله.
وهذه الآية أمرهم فيها بذكر نعمته عليهم وذكر ميثاقه. فذكر سببي الوجوب، لأن الوجوب الثابت بالشرع ثابت بإيجاب الربوبية وهي إنعامه عليهم، ولهذا جاء في الحديث: "أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه". ولهذا كان عادة المصنفين في [أصول الدين] أول ما يذكرون أول نعمة أنعمها الله على عباده وأول ما وجب على عباده ويذكرون
ج/ 28 ص -649-[مسألة وجوب شكر المنعم] هل وجب مع الشرع بالعقل أم لا ولهذا كانت طريقة القرآن تذكير العباد بآلاء الله عليهم فإن ذلك يقتضي شكرهم له وهو أداء الواجبات الشرعية.
وقوله: "وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا" [المائدة: 12] الآية. إلى قوله:"فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً" [المائدة: 12] والميثاق على ما هو واجب عليهم من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والإيمان بالرسل وتعزيرهم.
وقد أخبر أنه بنقضهم ميثاقهم لعناهم وأقسى قلوبهم، لا بمجرد المعصية للأمر فكان في هذا أن عقوبة هذه الواجبات الموثقة بالعهود من جهة النقض أوكد. وقوله: "وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ" [المائدة: 14] كذلك. وقوله تعالى: "وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ" [التوبة: 75] "فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ" [التوبة: 76] "فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ" [التوبة: 77] فإن كونه في الصالحين واجب
ج/ 28 ص -650-والصدقة المفروضة واجبة وقد روي أنها هي المنذورة.
وهذا نص في أنه يجب بالنذر ما كان واجبًا بالشرع فإذا تركه عوقب لإخلاف الوعد الذي هو النذر فإن النذر وعد مؤكد هكذا نقل عن العرب وهذه الآية تسمى النذر وعدًا.
وقوله: "لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ" [يوسف: 66] ورده إلى أبيه كان واجبًا عليهم بلا موثق. ومن الحرب المباحة دفع الظالم عن النفوس والأموال والأبضاع المعصومة.
وإنما جاءت الرخصة في السلم والحرب خاصة لأن هذين الموطنين مبناهما على تأليف القلوب وتنفيرها فإذا تألفت فهي المسالمة وإذا تنافرت فهي المحاربة والتأليف والتنفير يحصل بالتوهمات كما يحصل بالحقائق، ولهذا يؤثر قول الشعر في التأليف والتنفير بحيث يحرك النفوس شهوة ونفرة تحريكا عظيما وإن لم يكن الكلام منطبقًا على الحق، لكن لأجل تخييل أو تمثيل.
فلما كانت المسالمة والمحاربة الشرعية يقوم فيها التوهم لما لا حقيقة له مقام توهم ما له حقيقة ولم يكن في المعارض إلا الإيهام بما لا حقيقة له والناطق لم يعن إلا الحق صار ذلك حقا وصدقا عند المتكلم وموهما للمستمع توهما يؤلفه تأليفا يحبه الله ورسوله أو ينفره تنفيرا يحبه الله ورسوله بمنزلة تأليفه وتنفيره بالأشعار التي فيها تخييل وتمثيل وبمنزلة
ج/ 28 ص -651- الحكايات التي فيها الأمثال المضروبة. فإن الأمثال المنظومة والمنثورة إذا كانت حقا مطابقا فهي من الشعر الذي هو حكمة وإن كان فيها تشبيهات شديدة وتخييلات عظيمة أفادت تأليفًا وتنفيرًا.