أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله
(للإنتقال إلى الصفحة الرئيسية للموسوعة الإسلامية اضغط هنا)

(اختيار من أقسام الكتاب والفتاوى)

الخبر ثلاثة أقسام

    ج/ 18 ص -44-قال شيخ الإسلام رحمه الله ‏:‏
    الخبر إما أن يعلم صدقه أو كذبه أو لا‏:‏
    الأول‏:‏ ما علم صدقه، وهو في غالب الأمر بانضمام القرائن إليه؛ إما رواية من لا يقتضي العقل تعمدهم وتواطؤهم على الكذب، أو احتفاف قرائن به، وهو على ضربين‏:‏ أحدهما‏:‏ ضروري ليس للنفس في حصوله كسب‏.‏‏.‏‏.‏، ومنه ما تلقته الأمة بالقبول وأجمعوا على العمل به، أو استندوا إليه في العمل؛ لأنه لو كان باطلًا اجتماعهم على الخطأ وهو ولا يضره كونه بنفسه لا يفيد العلم كالحكم المجمع عليه المستند إلى قياس واجتهاد ورأي المختلف هو في نفسه ظني فكيف ينقلب قطعيًا، ولم يعلم أن الظن والقطع من عوارض اعتقاد الناظر بحسب ما يظهر له من الأدلة، والخبر في نفسه لم يكتسب صفة‏.‏
    الثاني‏:‏ ما يعلم كذبه أو بتكذيب العقل الصريح أو الكتاب أو

    ج/ 18 ص -45- السنة أو الإجماع أو غير ذلك عند أقسام تلك التأويلات وهو كثير، أو بقرائن‏.‏ والقرائن في البابين لا تحصل محققة إلا لذي دراية بهذا الشأن، وإلا فغيرهم جهلة به‏.‏
    الثالث‏:‏ المحتمل، وينقسم إلى مستفيض وغيره، وله درجات، فالخبر الذي رواه الصديق والفاروق لا يساوي ما رواه غيرهما من أصاغر الصحابة وقليل الصحبة‏.‏
    فصل
    الخطأ في الخبر يقع من الراوي؛ إما عمدًا أو سهوًا؛ ولهذا اشترط في الراوي العدالة لنأمن من تعمد الكذب، والحفظ والتيقظ لنأمن من السهو‏.‏
    والسهو له أسباب‏:‏
    أحدها‏
    :‏ الاشتغال عن هذا الشأن بغيره فلا ينضبط له، ككثير من أهل الزهد والعبادة‏.‏
    وثانيها‏:‏ الخلو عن معرفة هذا الشأن‏.‏

    ج/ 18 ص -46-وثالثها‏:‏ التحديث من الحفظ، فليس كل أحد يضبط ذلك‏.‏
    ورابعها‏:‏ أن يدخل في حديثه ما ليس منه، ويزور عليه‏.‏
    وخامسها‏:‏ أن يركن إلى الطلبة، فيحدث بما يظن أنه من حديثه‏.‏
    وسادسها‏:‏ الإرسال، وربما كان الراوي له غير مرضٍ‏.‏
    وسابعها‏:‏ التحديث من كتاب؛ لإمكان اختلافه‏.‏
    فلهذه الأسباب وغيرها، اشترط أن يكون الراوي حافظًا ضابطًا، معه من الشرائط ما يؤمن معه كذبه من حيث لا يشعر، وربما كان لا يسهو، ثم وقع له السهو في الآخر من حديثه، فسبحان من لا يزل ولا يسهو، وذلك يعرفه أرباب هذا الشأن برواية النُّظَراء والأقران، وربما كان مغفلًا واقترن بحديثه ما يصححه، كقرائن تبين أنه حفظ ما حدث به وأنه لم يخلط في الجميع‏.‏
    وتعمد الكذب له أسباب‏:‏
    أحدها‏:‏ الزندقة والإلحاد في دين الله ‏"
    ‏وَيَأْبَي اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ‏"‏ ‏[‏التوبة‏:‏32‏]
    وثانيها‏:‏ نصرة المذاهب والأهواء، وهو كثير في الأصول والفروع والوسائط‏.‏

    ج/ 18 ص -47-وثالثها‏:‏ الترغيب والترهيب لمن يظن جواز ذلك‏.‏
    ورابعها‏:‏ الأغراض الدنيوية لجمع الحطام‏.‏
    وخامسها‏:‏ حب الرياسة بالحديث الغريب‏.‏
    فصل
    الراوي إما أن تقبل روايته مطلقًا، أو مقيدًا، فأما المقبول إطلاقًا فلابد أن يكون مأمون الكذب بالمظنة، وشرط ذلك العدالة وخلوه عن الأغراض والعقائد الفاسدة التي يظن معها جواز الوضع، وأن يكون مأمون السهو بالحفظ والضبط والإتقان، وأما المقيد فيختلف باختلاف القرائن، ولكل حديث ذوق، ويختص بنظر ليس للآخر‏.‏
    فصل
    كم من حديث صحيح الاتصال ثم يقع في أثنائه الزيادة والنقصان‏.‏ فرب زيادة لفظة تحيل المعني ونقص أخرى كذلك، ومن مارس هذا الفن لم يكد يخفي عليه مواقع ذلك، ولتصحيح الحديث وتضعيفه أبواب تُدخل، وطرق تُسْلك، ومسالك تُطْرق‏.‏


    تحميل كتاب مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية بصيغة PDF
    تحميل كتاب مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية بصيغة XML