ج/ 15 ص -440-سورة النمل
قال شيخ الإسلام:
هذا تفسير آيات أشكلت حتى لا يوجد في طائفة من كتب التفسير إلا ما هو خطأ فيها
منها قوله تعالى: "مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا الآية"[النمل: 89]، المشهور عن السلف أن الحسنة: لا إله إلا اللّه، وأن السيئة: الشرك، وعن السدى قال: ذلك عند الحساب ألغى بدل كل حسنة عشر سيئات، فإن بقيت سيئة واحدة فجزاؤه النار إلا أن يغفر اللّه له
قلت: تضعيف الحسنة إلى عشر وإلى سبعمائة ثابت فى الصحاح، وأن السيئة مثلها، وأن الهم بالحسنة حسنة، والهم بالسيئة لا يكتب
فأهل القول الأول قالوه؛ لأن أعمال البر داخلة فى التوحيد، فإن عبادة اللّه بما أمر به كما قال: "بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ الآية"[البقرة: 112]، وقال تعالى: "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً" الآية [إبراهيم: 24]
ج/ 15 ص -441-فالكلمة الطيبة: التوحيد، وهى كالشجرة، والأعمال ثمارها فى كل وقت، وكذلك السيئة، هى العمل لغير اللّه، وهذا هو الشرك، فإن الإنسان حارث هُمَام لابد له من عمل ولابد له من مقصود يعمل لأجله وإن عمل للّه ولغيره فهو شرك
والذنوب من الشرك فإنها طاعة للشيطان قال: "إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ الآية"[إبراهيم: 22]، وقال: "أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ الآية"[يس: 60]، وفى الحديث: "وشر الشيطان وشركه" لكن إذا كان موحداً وفعل بعض الذنوب نقص توحيده كما قال: "لا يزنى الزانى" إلخومن ليس بمؤمن فليس بمخلص، وفى الحديث: "تعس عبد الدينار" إلخ وحديث أبى بكر: قل: "اللهم إنى أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً وأنا أعلم" إلخ، لكن إذا لم يعدل باللّه غيره فيحبه مثل حب اللّه، بل اللّه أحب إليه وأخوف عنده وأرجى من كل مخلوق، فقد خلص من الشرك الأكبر