أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله
(للإنتقال إلى الصفحة الرئيسية للموسوعة الإسلامية اضغط هنا)

(اختيار من أقسام الكتاب والفتاوى)

فصل والشيخ عدي بن مسافر بن صخر

    ص -103-وقال رحمه الله ‏:‏
    فصل: والشيخ ‏[‏عدى بن مسافر بن صخر‏]‏
    [‏عدى بن مسافر بن صخر‏:‏ هو عدى بن صخر الشامى، وقيل‏:‏ عدى بن مسافر وهذا أشهر ابن إسماعيل بن موسى الشامى، ثم الهكارى مسكنا‏.‏ قال الحافظ عبد القادر‏:‏ ساح سنين كثيرة، وصحب المشايخ، سكن جبال الموصل في موضع ليس به أنيس، ثم أنس الله تلك المواضع به وعمرها ببركته، كان معلما للخير، ناصحًا متشرعًا، شديدًا في الله، كانت له غليلة يزرعها في الجبل ويحصدها ويتقوت، ولا يأكل من مال أحد شيئًا‏.‏ صحب الشيخ عقيلا المنبجى، والشيخ حماد الدباس وغيرهما، وتوفي سنة 557 وعاش تسعين سنة‏.‏ ‏[‏ سير أعلام النبلاء‏:‏ 20342 344 ‏]‏ كان رجلا صالحًا، وله أتباع صالحون، ومن أصحابه من فيه غلو عظيم، يبلغ بهم غليظ الكفر، وقد رأيت جزءًا أتى بيد أتباعه فيه نسبه وسلسلة طريقه، فرأيت كليهما مضطربًا ‏.‏
    أما ‏[‏النسب‏]‏ فقالوا‏:‏ عدى بن مسافر بن إسماعيل بن موسى بن مروان بن أحمد بن مروان بن الحكم بن مروان الأموى‏.‏ وهذا كذب قطعًا فإن يمتنع أن يكون بينه وبين مروان ابن الحكم خمسة أنفس ‏.‏
    وأما ‏[‏الخرقة‏]‏ فقالوا‏:‏ دخل على الشيخ العارف عقيل المنبجى وألبسه الخرقة بيده، والشيخ عقيل لبس الخرقة من يد الشيخ مسلمة المردجى، والشيخ مسلمة لبس الخرقة من يد الشيخ أبى سعيد الخراز ‏.‏

    ج/ 11 ص -104-قلت‏:‏ هذا كذب واضح، فإن مسلمة لم يدرك أبا سعيد، بل بينهما أكثر من مائة سنة، بل قريبًا من مائتي سنة ‏.‏
    ثم قالوا‏:‏ والشيخ أبو سعيد الخراز لبس الخرقة من يد الشيخ أبى محمد العنسى والعنسى لبسها من يد الشيخ على بن عليل الرملى، والشيخ على بن عليل لبسها من يد والده الشيخ عليل الرملى، والشيخ عليل لبس الخرقة من يد الشيخ عمار السعدى، والشيخ عمار السعدى لبس الخرقة من يد الشيخ يوسف الغسانى، والشيخ يوسف الغسانى لبس الخرقة من يد والده الشيخ يعقوب الغساني، والشيخ يعقوب الغساني لبس الخرقة من يد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يوم خطب الناس بالجابية، وعمر بن الخطاب لبس الخرقة من يد رسول الله ﷺ، ورسول الله ﷺ لبس الخرقة من يد جبرائيل، وجبرائيل من الله تعالى‏.‏
    قلت‏:‏ لبس عمر للخرقة وإلباسه ولبس رسول الله ﷺ للخرقة وإلباسه يعرف كل من له أدنى معرفة أنه كذب‏.‏ وأما الإسناد المذكور ما بين أبى سعيد إلى عمر فمجهول، وما أعرف لهؤلاء ذكرًا لا في كتب الزهد والرقائق، ولا في كتب الحديث والعلم، ومن الممكن أن يكون بعض هؤلاء كانوا شيوخًا، وقد ركب هذا الإسناد عليهم من لم يعرف أزمانهم والله أعلم بحقيقة أمرهم ‏.‏

    ج/ 11 ص -105-ثم ذكروا بعد هذا ‏[‏عقيدته‏]‏ وقالوا‏:‏ هذه عقيدة السنة من إملاء الشيخ عدى‏.‏ و‏[‏العقيدة‏]‏ من كتاب ‏[‏التبصرة‏]‏ للشيخ أبى الفرج المقدسى، بألفاظه، نقل المسطرة، لكن حذفوا منها تسمية المخالفين وأقوالهم، وذكروا ما ذكره من الأدلة، وزادوا فيها من ذكر يزيد وغيره أشياء لم يقلها الشيخ أبو الفرج وفيها أحاديث موضوعة، وقال في آخرها‏:‏ فهذا اعتقادنا، وما نقلناه عن مشائخنا نقله جبرائيل عن الله، ونقله النبى ﷺ عن جبرائيل، ونقله الصحابة عن النبى ﷺ وسمى من سماه اللالكائي في أول كتاب ‏[‏شرح أصول السنة‏]‏ كما ذكروا أن هذا أملاه الشيخ عدي من حفظه، وأمر بكتابته، ورووا ذلك بالسماع عن الشيخ حسن بن عدى بن أبي البركات بسماعه من والده عدى بن أبي البركات بن صخر بن مسافر وهو عدي ‏.‏

    ج/ 11 ص -106-وسئل ‏:‏
    هل تخلل أبو بكر بالعباءة ‏؟‏ وتخللت الملائكة لأجله بالعباءة أم لا ‏؟‏
    فأجاب ‏:‏
    الحمد لله، لم يتخلل أبو بكر بالعباءة، ولا الملائكة تخللوا بالعباءة، وذلك كذب‏.‏ والله أعلم ‏.

    ج/ 11 ص -107-وسئل عن معنى قول من يقول‏:‏ ‏[‏حب الدنيا رأس كل خطيئة‏]‏ فهل هى من جهة المعاصي؟‏ أو من جهة جمع المال؟‏
    فأجاب ‏:‏
    ليس هذا محفوظًا عن النبيﷺ؛ ولكن هو معروف عن جندب بن عبد الله البجلى من الصحابة، ويذكر عن المسيح ابن مريم عليه السلام، وأكثر ما يغلو في هذا اللفظ المتفلسفة، ومن حذا حذوهم من الصوفية على أصلهم، في تعلق النفس إلى أمور ليس هذا موضع بسطها ‏.‏
    وأما حكم الإسلام في ذلك‏:‏ فالذى يعاقب الرجل عليه الحب الذى يستلزم المعاصي‏:‏ فإنه يستلزم الظلم والكذب والفواحش، ولا ريب أن الحرص على المال والرئاسة يوجب هذا، كما في الصحيحين أنه قال‏:‏ ‏"‏إياكم والشُّحَّ، فإن الشح أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالظلم فظلموا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا‏"‏، وعن كعب عن النبي ﷺ أنه قال‏:‏ ‏
    "‏ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم

    ج/ 11 ص -108-بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه‏"‏‏.‏ قال الترمذى‏:‏ حديث حسن‏.‏
    فحرص الرجل على المال والشرف يوجب فساد الدين، فأما مجرد الحب الذى في القلب إذا كان الإنسان يفعل ما أمره الله به، ويترك ما نهى الله عنه، ويخاف مقام ربه، وينهى النفس عن الهوى، فإن الله لا يعاقبه على مثل هذا إذا لم يكن معه عمل، وجمع المال، إذا قام بالواجبات فيه ولم يكتسبه من الحرام، لا يعاقب عليه، لكن إخراج فضول المال، والاقتصار على الكفاية أفضل وأسلم، وأفرغ للقلب، وأجمع للهَمّ، وأنفع في الدنيا والآخرة‏.‏ وقال النبيﷺ‏:‏
    ‏"‏من أصبح والدنيا أكبر همه شتت الله عليه شمله، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن أصبح والآخرة أكبر همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع عليه ضيعته، وأتته الدنيا وهى راغمة‏"‏‏.‏


    تحميل كتاب مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية بصيغة PDF
    تحميل كتاب مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية بصيغة XML